في عز الأزمة المطلوب مصالحة مهنية وطنية حقيقية

0

أخبار بحر الصحراء: رأي.

 

بقلم : عمار الحيحي

كتب عرض البحر جنوب بوجدور

 

يعيش مهنيو الصيد الساحلي بالجر منذ ما يفوق السنة ظروفا قاسية صعبة جدا بسبب ضعف المردودية لأسباب متعددة لا يتسع هذا المقام لذكرها ، حيث أصبحت القناعة تترسخ يوما بعد آخر لدى الجسم المهني الوطني بما لا يدع مجالا للشك بأن الصرخة القوية التي أطلقتها التنسيقية الوطنية للربابنة في نوفمبر 2017 كانت صرخة مهنية صادقة نابعة من الأعماق إستشعرت سوداوية المستقبل و لم تكن لها أهداف سياسية مبيتة كما نعتها بها البعض سامحه الله و كان هذا اللبوس السياسي المفترى حائطا حجب سماع صوت هذه الصرخة من طرف من يهمهم الأمر للأسف الشديد .

في سنة 1997 عندما إعتمد المشرع المغربي قانون 97-04 المنظم لغرف الصيد البحري رغم الثغرات القانونية الفاضحة الذي جاء به – مقارنة مع نظيره الفرنسي و الإسباني بإقصائه رجال البحر – كان هدفه خلق مؤسسات دستورية تساعد الإدارة بمقترحات و رؤى تعبر عن نبض و إنتظارات المهنيين و نقلها إلى مركز القرار لإيجاد حلول للإكراهات و المعيقات التي تواجه الممارسة المهنية في إطار التوجهات السياسة العامة للإدارة المشرفة على القطاع الذي يبقى هاجسها هو الإستدامة و الحفاظ على الثروات السمكية بشكل علمي حفاظا على الإستثمارات و بالتالي آلاف مناصب الشغل المباشرة و غير المباشرة .
كما يجب أن لا ننسى الدور المنوط بالمجتمع المدني ( كونفدراليات -جمعيات – نقابات ) في إطار ظهير الحريات العامة 1-58-377 في الإظافة النوعية التي يمكنه أن يقوم بها خدمة للمصالح العليا للقطاع إنضباطا و إنسجاما دائما مع التوجهات العامة للإدارة .

منذ سنة 2009 قامت الإدارة الحالية بجهود جبارة و مضنية لوضع القطاع على سكته الصحيحة حيث تم إطلاق إستراتيجية أليوتيس فتم تحريك مسطرة التشريع بإتخاذ عشرات القوانين و المراسيم بإستشارة المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري و التمثيليات المهنية الكلاسيكية .
السؤال المحوري هو أنه مادامت الإدارة الحالية تقوم بواجبها على أحسن وجه ؛ هل التمثيليات المهنية الكلاسيكية ( الغرف – الكنفدراليتين ) قامت هي الأخرى بدورها في تأطير المهنيين و نقل إنتظاراتهم بأمانة إلى مركز القرار و إبداء ملاحظاتها الدقيقة على مشاريع القوانين التي تحال عليها من طرف الإدارة قبل المصادقة عليها خدمة للمصالح العليا للقطاع . ؟؟؟
بحكم إطلاعي على خبايا القطاع أكاد أجزم أن جل التمثيليات المهنية الكلاسيكية إلا ما رحم ربك كانت دوما تقوم بتضليل الإدارة و كانت ترسم صورة وردية بعيدة عن الواقع و لم يكن هاجسها سوى حصد المنافع و المكاسب و حماية مصالحها هي و أتباعها و لو كانت ضدا في القانون و ظلت خارج السياق و لم تستوعب المغزى العميق لتوجهات الإدارة المشرفة على تنزيل السياسة العامة للقطاع .
و عليه لو كانت الإدارة الحالية وجدت في الميدان تمثيليات مهنية حقيقية تطرح الأفكار و الآراء الصائبة التي هدفها الصالح العام أكيد بعد تحليلها لن تتوانى في تقبلها بصدر رحب و بالتالي بلورتها على أرض الواقع كمخططات أو كمراسيم و قوانين لأن الإدارة ليس هدفها هو العرقلة بل التبسيط المحكم في إطار رؤيتها للمستقبل .
لكن للأسف الشديد الإدارة الحالية لم تجد أمامها في حقيقة الامر سوى مشهدا تمثيليا ريعيا مبلقنا متشردما تطغى عليه الأنا و النرجسية المصلحية المطلقة مما تولد عنه تطاحنات و صراعات مجانية حتما لم و لن تكون في صالح الحنطة بل أصبحت أحد المعيقات الرئيسية لتطورها .

إن النموذج التنموي المنشود الذي سينصب جلالة الملك لجنة خاصة لوضع تصور عام لبلورته حسب ما جاء به خطاب العرش منذ يومين يجعل الجميع أمام مسؤولياته التاريخية لهذا فالتحدي الحقيقي هو تنموي بالدرجة الأولى و يظل صراع طرح الأأفكار و الرؤى الناجعة و ليس شيئا آخر قصد الوصول إلى ما تصبو له الضمائر الحية بالبلاد و لبس اؤلئك الذين ظلوا يقتاتون من طحالب المستنقعات و قطاع الصيد البحري لن يخرج عن هذا السياق حيث يعول عليه أن يكون رافعة أساسية في التصورات المستقبلية للتنمية الشاملة لدى فالمطلوب اليوم هو مصالحة مهنية وطنية حقيقية و نبذ الخلافات التي لا طائل منها و هذا ما سيسهل مأمورية صناع القرار .

Leave A Reply

Your email address will not be published.