أخبار بحر الصحراء: رأي.
بقلم الدكتور : رشيد الكامل
المدير الجهوي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي العيون
أوكل المشرع المغربي مهمة تدبير الحماية الاجتماعية والصحية لاجراء القطاع الخاص للصندوق الوطني للضمان الاجتماعية، وفي سبيل تحقيق هذه المهمة النبيلة والسامية وجدت ترسانة قانونية هامة تكفل في عمقها التغطية الاجتماعية والصحية لهذه الفئات الاجتماعية، هاته التغطية الاجتماعية والصحية اصبحت حقا دستوريا بموجب دستور 2011 اذ نص في فصله 31 على مايلي “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير اسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في :
-العلاج والعناية الصحية.
-الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي او المنظم من لدن الدولة …..”
واذا كان اجراء القطاع الخاص وبحارة الصيد الساحلي واعالي البحار قد انخرطوا في نظام الضمان الاجتماعي وبالنتيجة استفادوا من مجموع منافعه قبل بحارة الصيد التقليدي وذلك لاعتبارات موضوعية لعل اهمها ان قطاع الصيد التقليدي لم يكن منظم بالطريقة التي تسمح لنظام الضمان الاجتماعي ان يطبق عليها، غير ان مجهودات مؤسسة الضمان الاجتماعي و القطاعات الوصية “وزارة الصيد والمكتب الوطني للصيد ” وغرف الصيد ومهنييي القطاع كللت باجراة نظام الضمان الاجتماعي واستفادة بحارة الصيد التقليدي منه وذلك منذ سنة 2013 .
إذن وبمرور خمس سنوات يحق لنا ان نتساءل عن الكيفية التي تم بها تدبير هذالمشروع في الجهات الجنوبية، وماهي حصيلة هذا الورش
1- حكامة جيدة في تدبير مشروع التغطية الصحية والاجتماعية لفائدة بحارة الصيد التقليدي
يعتبر مفهوم الحكامة “GOUVERNANCE ” مفهوم قديم من الناحية الاصطلاحية وقد اصبح يستعمل لشرعنة العلاقات التي توجد بين الاقتصاد والسياسة، ومن جهة ثانية فالمفهوم يفرض انماط لاقرار السياسات العامة تقوم على الحوار والمفاوضة كوسيلة مثلى عبر نسج مجموعة شراكات.
وقد توسع استعمال مفهوم الحكامة الجيدة لينتقل الى مجالات تدبير الفعل العمومي حسب مناهج مختلفة وصيغ متنوعة لكن ضمن عناصر مشتركة لعل اهمها :
-التنسيق بين فاعلين متعددين.
-صيغ مختلفة ومبتكرة للمساهمة في صياغة السياسات العامة.
-حسن تدبير الاعمال المشتركة والتوفيق بين المصالح المختلفة.
وتفرض الحكامة الجيدة من حيث مقاربة تغييرات العمل العمومي اعادة النظر في القطبية الحكومية الاحادية على صعيد تدبير الشؤون العامة وتقديم صيغ جديدة للضبط والمسؤولية واتخاذ قرارات مبنية على الحوار والمعالجة الجماعية للمشاكل وتتبع البرامج وتقييم نتائجها.
والمتتبع لمشروع توسيع الحماية الاجتماعية والصحية لفائدة بحارة الصيد التقليدي يستشف ان مقومات الحكامة الجيدة قد تم احترامها بدءا بتنسيق والتقائية البرامج، مرورا بالتواصل والحوار، وصولا للتتبع وتقييم النتائج.
فخلال السنوات السابقة لسنة 2013 تم تنسيق جهود وبرامج مؤسسة الضمان الاجتماعي ووزارة الصيد والمكتب الوطني للصيد بغية اجراة هدا المشروع بطريقة ناجعة وفعالة وقد واكب تنزيل هذا المشروع مجهود تواصلي مهم انخرطت فيه الادارات المركزية لمؤسسة الضمان الاجتماعي ولوزارة الصيد البحري والتمثلييات المحلية والجهوية لهذه القطاعات, وعلى سبيل المثال فقد اطرت المديرية الجهوية للضمان الاجتماعي العيون” منذ اواسط سنة 2012″ والوكالات التابعة لها بشراكة مع مندو بيات الصيد البحري بطانطان وطرفاية والعيون الميناء وبوجدور والداخلة اكثر من 80 لقاء مباشر مع مهنيي القطاع من بحارة وارباب قوارب وجمعيات مشتغلة في الميدان وقد تم التركيز في هذه اللقاءات على شرح نظام الضمان الاجتماعي للبحارة وتتبع عملية تسجيلهم و تحيين معطياتهم الاجتماعية وكذا انخراط القوارب.
وقد كللت هذه المجهودات بانخراط جميع القوارب وتسجيل جميع بحارة الصيد التقليدي وتحيين المعطيات الاجتماعية لعدد مهم من البحارة “فالى نهاية يونيو من السنة الجارية تم تسجيل 18307 بحار وانخراط 8736 قارب صيد “.اذن و بعد هذه المجهودات يحق لنا ان نتساءل عن طبيعة المنافع التي استفاد منها بحارة الصيد التقليدي.
2- استفادة بحارة الصيد التقليدي من منافع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كمؤشر على نجاح المشروع.
اذاكانت العبرة في النهاية بحصاد الغلة كمايقال, فان مؤسسة الضمان الاجتماعي قد وضعت مندانطلاق مشروع تعميم التغطية الاجتماعية والصحية لفائدة بحارة الصيد التقليدي سنة 2013 نصب اعينها وكاحد اهم اهدافها تمكين جميع البحارة وذوي حقوقهم من المنافع والخدمات التي يكفلها قانون الضمان الاجتماعي “التغطية الصحية –التعويضات العائلية –معاش التقاعد … وغيرها” باعتبار ان منهجية الادارة العامة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ترتكز على تحقيق وفي كل برنامج اومشروع مبدا نهاية العملية Principe Fin Opération اي ان نجاح مشروع تعميم التغطية الاجتماعية والصحية لايقاس فقط بعدد البحارة المسجلين والقوارب المنخرطة بل بالاستفادة الفعلية لهؤلاء البحارة من جميع المنافع التي يكفلها لهم قانون الضمان الاجتماعي.
وبقراءة للارقام التالية ” الى نهاية فبراير من السنة الجارية تم صرف 53.514.340 درهم للبحارة كتعويضات عائلية و53.620.170 درهم كمصاريف التغطية الصحية و 748.852 درهم كمعاشات”.
يتضح جليا ان هناك استفادة مهمة للبحارة من منافع الصندوق وهذا يؤكد ان دور مؤسسة الضمان الاجتماعي لامندوحة عنه في سبيل بلوغ التنمية بمفهومها الشامل وان هدفها لايكمن البثة في تحصيل المساهمات بل في صرفها و اعادة توزيعها على مؤمني الصندوق وذويهم.
من هنا يمكن القول ان نجاح مؤسسة الضمان الاجتماعي في تعميم التغطية الاجتماعية والصحية لفائدة بحارة الصيد التقليدي سيعزز ولاشك النجاحات المتراكمة لهذه المؤسسة والتي تم تحقبقها بفضل انصهار الاستراتيجية الناجعة للادارة العامة وتضحيات مستخدمي واطر هذه المؤسسة, وغني عن التذكير ان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعكف حاليا على اطلاق ورش توسيع الحماية الاجتماعية والصحية لفائدة العمال غير الاجراء “المستقلين” والذي لاشك انه سيوفق في تدبيره كما وفق في تدبير التغطية الصحية الاجبارية لإجراء القطاع الخاص منذ سنة 2005.
*ملاحظة: نقصد بالجهات الجنوبية في مقالنا جهات كلميم – وادنون”بحارة مدينة طانطان ” العيون-الساقية الحمراء والداخلة-واد الذهب“