أخبار بحر الصحراء: ثقافة.
كما هو معروف، فإن العلاقة بين المرشد البحري وربان السفينة مبنية على أسس مهنية وأخلاقية رفيعة المستوى لما لعملهما من أهمية بالغة في تأمين الرسو الآمن للسفينة أو مغادرتها الميناء بأمان، ومن الطبيعي أن يتطلب هذا النوع من العمل تنسيقاً عالياً والتزاماً من الطرفين بما لهما وما عليهما.
بطاقة المرشد البحري Pilot Card:
أول ما يطلبه المرشد البحري من فريق غرفة القيادة حالما يصعد على ظهر السفينة هو الحصول على بطاقة المرشد Pilot Card، نافذته الأولى التي يطلع من خلالها على تفاصيل السفينة المؤتمن على تسييرها، وإبحارها بالشكل الآمن.
تتضمّن بطاقة المرشد كل التفاصيل اللازمة الخاصة بالسفينة كطولها الكلي، وعرضها الأقصى، وحمولتها الوزنية، وغاطسها الأمامي والخلفي، وعدد لفات المحرك بالدقيقة، والسرعة في حال المسير على خزانات الصابورة أو أثناء الحمولة خلال المواقف المختلفة أثناء الدفع الأمامي أو الخلفي للرفاص، كما تتضمن خصائص الرفاص المستخدم، ودواسر المقدمة والمؤخرة في حال تواجدها بالإضافة لبعض التفاصيل التقنية الأخرى.
يقدّر المرشد طبيعة السفينة ويؤسس لخطة عمله تبعاً لبطاقة المرشد حالما يتزود بها، وهذا يضعه بالصورة الكاملة لطبيعة انحراف السفينة، فمثلاً بأي اتجاه قد تنحرف المقدمة أو المؤخرة إذا ما تعرضت لتأثير الفارق بين تزايد سرعة الرفاص مقارنة بدوران السفينة البطيء وتأثير الدسر العكسي حالما يتم تغيير الحركة للخلف. كما يأخذ المرشد لمحة عن كل المعدات الملاحية الموجودة على السفينة.
ويسعى المرشد جاهداً للتأكد من تطابق تقديره الأولي لسلوك السفينة بعد دقائق قليلة من حركة السفينة تحت إمرته.
تبقى خبرة المرشد دوماً في حاجة لربان السفينة الملمّ بسفينته بشكل أكثر تفصيلاً كونه ببساطة قضى على السفينة وقتاً أطول من ضيفه العابر.
وتظهر فائدة مرشد السفينة وأهميته كعامل إضافي في فريق غرفة القيادة بدرايته بالمجال الذي يدور في فلك أمان الملاحة، الذي يمكن أن يظهر في المياه المحصورة أو القنوات، أو الأنهار والجداول وحتى في البحر، حيث يتوجب عليه إجراء مناورة السفينة في حال الاقتراب من للرسو أو الإبحار خارج الميناء. فالمرشد يعلم تماماً مناطق القاع الضحلة وحالة الريح السائدة وتأثيرها على السطح الحر للسفينة، أضف لذلك التيارات والمدر. كما تصل درايته إلى أبعد من ذلك لتحيط بكيفية استخدام أنظمة الملاحة والأجهزة الالكترونية في أفضل طريقة فعالة في تلك المناطق الأمر الذي يجعل وجوده في غرفة القيادة في حالات مشابهة أمراً لا يستغنى عنه.
شكل العلاقة بين المرشد والربان:
كلا الربان والمرشد يعتبران ركيزتين أساسيتين، الأمر الذي يستوجب دمج حنكة ودراية الاثنين معاً لتأمين المرور الآمن للسفينة ويجعل التفاعل والتعاون المتبادل بين الربان والمرشد ضرورياً لتفادي أي أخطار محتملة. ولهذا يجب أن تؤطر العلاقة بينهما ضمن إطار الثقة والاحترام المتبادلين، وهذا لا يلغي حق الربان في التدخل متى يشاء في حال استقرائه لمواجهة سفينته لخطر محدق، ويفضل أن يبلغ المرشد عن الخطر الذي يراه محتملاً وبعدها يمكن أن يأخذ الإجراء التصحيحي المناسب أو يتولى قيادة سفينته.
وبالمقابل إذا حدث وقدّر المرشد أخطاراً محتملة لم يوافقه عليها الربان الأمر الذي يجعله يرفض توجيهات المرشد، يغدو والحال هذه من الملزم على المرشد أن يوضح للربان الصورة الحقيقية للموقف، إن سمح الوقت بذلك في حال شعور المرشد بعدم يقين الربان من الحالة، وللوقت حكم الفصل في إظهار من منهما، المرشد أو الربان، كان على صواب في حكمه.
ويبقى من الواجب على المرشد إبلاغ سلطات المرفأ أنه لم يعد مرشد السفينة في حال تعريض الربان أثناء توليه القيادة المرفأ لأي خطر، أما إن رغب الربان في إعادة تكليف المرشد بتوجيه السفينة فيجب أن يتم ذلك إما بطلب خطي أو لفظي لتعاد العملية من أول ذي بدء.
وبعد تقليب الأمر على وجوهه يستوجب على الربان والمرشد تحييد “أناهما” عبر التنسيق والتعاون فيما بينهما بالشكل الذي يضمن إتمام العمل بأمان سواءً في إرساء السفينة أو في مغادرة الميناء.
إن من أهم ما يميز العمل البحري هو تكامل الأدوار وتوزيعها بالشكل الصحيح الذي يضمن قيام كل بدوره دون تعارض مع الأدوار الأخرى وهذا ما يظهر جلياً في حالة العلاقة بين الربان والمرشد وبين أفراد الطواقم ككل.