اخبار بحر الصحراء : متابعة.
بقلم :المحجوب هندا
في صورة رخيصة تحط من الكرامة و تنتقص من حقوق المواطنة الحقة و الحقوق المهنية اجتمع مند أيام أمام مندوبية الصيد البحري بالعيون العشرات من الربابنة و المقابلين مزدحمين في طوابير في مشاهد تجسد اللهفة و الرغبة الملحة لتقديم سجلات مراكب الصيد الساحلي بالجر للتسجيل في اللائحة التي تخضع إلى عمليات القرعة التي تؤهل 100 مركب الدين سيتقدمون الولوج إلى مصايد التهيئة جنوب سيدي الغازي من ضمن مئات المراكب التي كانت بالأمس مضربة طيلة شهر كامل في جميع موانئ المملكة دون أن تعيرهم وزارة الصيد البحري الاهتمام و لا أن قامت الفرق البرلمانية و التمثيلية النقابية في المجالس أن تستدعي الحكومة لمسائلتها رغم تأشيرهم على ملف مطالبهم المعقولة ما يحيلنا على استنتاج ( كية اللي جات فيه ) .
لم يصبح التدافع و الازدحام سلوك اجتماعي في أوساط الفئات الهشة و عمال القطاعات المنهوبة كالصيد البحري محض إرادتهم بقدر ما هو موقف دفعت جهات أخرى جشعة و متسلطة و استغلالية إلى تكريسه بين شريحة البحارة و الربابنة .
فإذا ما درج على وصف إضراب بواخر الصيد بالجر الذي قوبل بمعارضة لوبيات القطاع بالإضراب الفاشل فإن القرار الذي حمل تنسيقية الربابنة على تعليقه إلى ما بعد (البينيا) لا يمكن وصفه إلا باستراحة مقاتل في المضمون و الشكل و كدا التداعيات .
و قد بدا أن رفع الإضراب خطوة جريئة تختصر التحول في الإستراتيجية بالتعاطي مع الوضع الراهن قبل فقدان السيطرة على زمام الأمور ، كما بدا أيضا و بالوضوح السيطرة الخبيثة على ثلة من الانتهازيين على قطاع الصيد و على مستوى اتخاذ القرار .
و بعيدا عن الأبجديات السياسوية التي واكبت محاولة الركوب على ثورة الربابنة و حقنت التوق إلى إكراه الربابنة و البحارة و المتعاطفين مع مطالبهم الشرعية و القانونية و الحقة بتجرع واقع (سكوت و ادخل سوق راسك و اتسنط للمنازل ) .
و بعيدا عن حسابات التمثيليات الكلاسيكية و الغرف الاستشارية و الوزارة الوصية في حساباتهم و قراءاتهم لرفع تنسيقية الربابنة للراية البيضاء على بعد ساعات من الانطلاقة نحو مصايد التهيئة بل و استثمار هدا التنازل و قطف ثماره ، فإن الحركة السلمية وحكمة رجال البحر تستسلم مؤقتا من خلال رفع الإضراب إلى دكتاتورية من يملكون قرار البحر و أيضا إلى اللحظة الزمانية و التوقيتية لانطلاق موسم الصيد و تدعن ، كذلك للوقائع التي فرضتها موازين قوة لوبي القطاع من جهة و خضوع البعض للظروف الاجتماعية المحضة.
ولئن كانت مجموعة من الجهات من الكنفدراليات و الغرف و النقابة المقربة ضغطت لتقويض إصرار الربابنة بالتراجع عن موقفهم فإن قرار رفع الإضراب لايعكس تفوق لوبي القطاع بل يؤكد انهزامية سلطة الوصاية إلى درجة العبث بالوضع البحري .
و لا يبدو أن نفوذ لوبي الصيد البحري كان قادرا على تعطيل خيارات الربابنة كما لا يبدو بما رسمته المشاهد و ما سجلته المواقف المحتشمة للتمثيليات الكلاسيكية أنه حان دور البديل المقاوم لمشاكل القطاع لوضع حد لامتداد مرتزقة القطاع و خنوعهم من أجل مصالحهم الشخصية فقط ، لأن تيار الربابنة أعلن رفعه الإضراب بدون أن يجتهدوا في تقديمه (أمر رفع الإضراب ) انهزاما لخياراتهم .
قراءة تقنية في تراجع الربابنة عن منطق الإضراب هو خضوع لنفس المنطق بعدم ربط مصير آلاف البحارة المحتاجين إلى الاستمرارية في العمل لتغطية مصاريف أسرهم و مصير المجهزين في ضمان مدا خيل لتأدية مبالغ القروض و أيضا الحاجة الملحة للسماح لمهنيي الصيد بالجر ، الاستفادة من موسم صيد الإخطبوط و الأهم أكثر عدم الانسياق في اللعب بمصالح البلاد تخوفا من التسبب في( أكديم إزيك جديد ) أخدين في الحسبان مناورات غرفة الصيد الأطلسية الوسطى و ضغطها بانتهازية في اللعب على وتر ترسيم 150 مركبا ساحليا جنوب سيدي الغازي في سريالية محاباة الصيد بأعالي البحار لضمان استمرار رئاسة الكرسي و الركوب على موجة الإضراب من جهة أخرى للظهور بمظهر البومبي الإطفائي المنشود ثم التوسط لترسيم مراكبهم و مراكب الموالين و الخاضعين و الاستخفاف بمصير المواطنة في حقها الدستوري في الثروة السمكية وقد ظهر دلك بالملموس حينما تم تغيير أرقام مراكب الحاشية برقم موانئ الربط الجنوبية بين عشية و ضحاها و هدا ما يسمى في أبجدية كلام الشارع (بالقوالب ) بمباركة وزارة وصية ( وصاية من نوع خاص تصب لصالح المقربين ).
تقدمت حوالي 164 باخرة لتنال حظ ولوج مصايد التهيئة ، و تم استثناء البعض من التسجيل في صورة تنم عن خطأ في طبيعة حقوق المواطنة المغربية و الحقوق المهنية و الحق في الثروة السمكية ، و قد بدا جليا انتصار البيروقراطية و التسلط خاصة عندما يكون الخصم هو الحكم ، يحكم بمزاجية و انتقامية نقرأها في أسماء المراكب التي رفضت الإدارة منحها الحق في ولوج مصايد التهيئة جنوب سيدي الغازي لأسباب واهية نستخلص منها أن البحر و ثروته السمكية محفظ وفي أياد لوبي من حديد ، يسمح بالفتات لمن ليس لهم لا حول و لا قوة إلا بالله .
يتبع …..
