تمثيلية قطاع الصيد البحري بين لغة الإضراب وصفة الإكراه

0

إيمانا من القاعدة المهنية العريضة التي تشتغل بقطاع الصيد البحري أن الوجه الحقيقي لتمثيلية قوية تستحضر البعد المصلحي للمهنة والقطاع والشركاء ما زال أملا في لائحة الانتظار نظرا لكون ممثلي المهنيين سيما مجهزي المراكب لم يستسيغوا إلى حد الآن أن البحار شريك وأن المنتوج مادة وطنية لكل المغاربة الحق في استهلاكها بثمن يراعي شروط الدخل الفردي وبجودة محترمة وحتى لا نعمم لأن القطاع يحتوي تمثيليات متعددة منها ذات الانتماء النقابي والتي غالبا ما تستبعد بسبب منطق الاستغلاب والحساسية المتكونة لدى الجهات من النقابات ومنها المؤطر في إطار جمعيات أو فيدراليات أو كونفدراليات أو غرف رغم أن كل نوع صيد أو مهنة داخل مثن قطاع الصيد خلقت لها إطارا تمثيليا يواكبها ونستسمح مبدئيا حتى لا نقع في فخ التعميم مادام الموضوع هو تمثيلية قطاع الصيد البحري ومادامت الغاية هي فتح لغة السؤال والمساءلة، هل بالفعل استطاعت التمثيليات المهنية في قطاع الصيد البحري أن تقدم نفسها كوجه مشرق وهي تمثل قواعدها ؟

لاحظنا أنه في كل معركة نضالية تطفح على السطح مطالب ذات بعد فئوي أو نخبوي رغم أننا شركاء وأعني هنا قطاع الصيد الساحلي، في حين يبقى مفهوم الاضراب موزعا بين مقاصد كثيرة ومفاهيم متعددة هل هو اضطراري أي من صنع قرار فجائي أو نابع من الدفتر المطلبي المهيئ سانكرونيا وديياكرونيا أي بالحدث والزمن وتتخذ معه القيادة إن كان هناك مفهوما للقيادة صفة الانتداب وغالبا ما يكون سلبيا عقيما يتخذ صفة الريادة ويبيع المطالب أو يقايض بدل أن يفاوض.

 وهنا نفتح قوسا آخر إلى أي حد كانت لغة استحضار القاعدة المهنية من بحارة وعمال ومستثمرين وقانون مهني واقتصاد جهوي حاضرة في لغة الذين رفعوا شعار التوقف عن العمل لمدة 20 يوما وسموه توقفا اضطراريا ؟ هل تبينت لهم أن الظروف الحالية سياسيا واقتصاديا مواتية لطلب الزيادة في ثمن السمك السطحي أي السردين ب 60 سنتيما للكيلو في شهر يناير ؟ وهل استشاروا مع شركائهم البحارة إن كانوا فعلا يؤمنون بهذه الشراكة ؟ وكيف همشوا كل الحسابات الجانبية والبعد التشاركي وظلوا يرددون لازمة التوقف الاضطراري مغيبين حتى الجانب التنظيمي الذي هو الاشعار بالاضراب ثم الاخبارات القانونية برفع الاضراب وأخيرا سجنوا في منطق الوعد والوعيد .

أليس من الغريب أن نكون متناقضين بين سقف مطالب حددت في مطلبين بعدها أصبح منطق الاستجداء والتدخلات لنزع ولو 10 سنتيمات كزيادة؟ وهذا هو التناقض بين المطلب والإكراه ضحيته الأول البحار واقتصاد مناطق الجنوب والتجار ومعامل التصبير،  وكلها إكراهات لم تؤخذ بعين الاعتبار من طرف دعاة الإضراب الذي تبنو منطق الاكراه والمقايضة، أي بيع المكاسب لتصبح بعد ذلك مطالب وهذا الجرد من الخروقات في التمثيليات ألفناه واستأنسنا به لنتساءل اليوم ، ما هي غلة هذا الذي يسمونه توقفا اضطراريا مدة 20 يوما؟ وعدا من طرف معالي الوزير !

إنه أمر لايستقيم إذا علما أن إشكالية الثمن ينبغي تحديدها والحوار فيها من طرف البحارة أولا والمجهزين والتجار والمصنعين وفي حالة التوافق المبدئي الوزارة ليس لها الحق إلا في التطبيق ، بمعنى أن مشكلتنا الأساسية أنه لا نحسن صياغة منطق التمثيلية الحقيقية، وإنما نمثل أشكالا أو أصناما تعبد من طرف جهات باسم المصلحة الفردية وهذا هو الذي يترك بون كبير في تفعيل وإنجاح أي خطة مرسومة من أي جهة .

فبدل أن تعمل التمثيلية المهنية بكل ما أوتيت على قراءة الواقع المهني، وتحليل وتقييم القوانين واستراتيجية الوزارة، تعمد تحت ضغط المصالح الفردية واستغلاب لغة التحكم على رفع مطالب شكلية لتقصي تاريخ البحار، وتتماهي في الأشكال مغيبة المضامين.

فإلى متى سنظل سجناء منطق تغليب المصالح الذاتية على حساب مصلحة الوطن؟ وكيف نستطيع أن نحاكم هؤلاء الذين يعيشون في لغة الظل تعرفهم الوزارة الوصية أكثر من موظفيها؟ بل يحذقون لغة المؤامرات وبيع المكاسب علانية في مزاد بورصة أصحاب الريع والشكارة !

أما حان للوزارة الوصية في ظل ما يعرفه المغرب من تفعيل وتنزيل لمضامين الدستور الجديد أن تغير منطق الخطاب؟ باستعارة مخاطب من نوع آخر يستحضر كل مبادئ الديمقراطية التشاركية؟ مودعين زمن “صاحبك اوصاحبي أو مول الشكارة يعيش والباقي منتوف كيف الريش”.

عبد اللطيف السعدوني

Leave A Reply

Your email address will not be published.