اخبار بحر الصحراء: اقلام حرة.
بقلم محمد سالم الزاوي
“سيضرب الموت بجناحية السامين كل من يعكر صفو الملك”
نقش محفور على قبر توت عنخ آمون.
بدأت أسطورة لعنة الفراعنة عند افتتاح مقبرة توت عنخ آمون عام 1922م وأول ما لفت انتباههم تلك النقوش التي تحذر المقتربين والمزعجين من مقام الملك. ومن ما زاد الناس أعتقادا في لعنة الفراعنة. هو سقوط المقتربين من مومياء الملك، سواء بالمرض أو الموت بعد ذلك. ليكتشف العلم الحديث بعد ردح من الزمن أن الأمر لا يعدو كونه بكتريا قاتلة يحنط بها الفراعنة القدامى ملوكهم لحفظ كنوزهم الدفينة من النهب والسرقة.
ولعل من عجائب الامور في زماننا هذا أن نجد فراعنة جدد محنطين في أهرامات إقتصادية ضخمة منصوبة في كنانة قطاع فسيح يسمى “الصيد البحري”.
إنه زمن تعتلي فيه لعنات مومياءات الصيد البحري جميع النابشين في خباياه سواء بسوء نية أو بحسن نية. فلا أحد يستجدي الموت حتى وإن كان على حساب حقوقه ومستقبل أجياله. ولا غرو أن نجد بالداخلة اليوم من يؤمن بتلك اللعنة إيمانه بحب الدنيا التي يلهث خلفها لهث الكلب إن تحمل عليه أو تتركه.
إن أكثر ما رسخ فكرة لعنة جبابرة المتداخلين في هذا القطاع هو المصير الذي ألفاه السابقون من نابشي “النحل” الذي مضوا مع غيرتهم. فمنهم من كاد أن يقضي نحبه ومنهم من ينتظر في غياهب السجون بفعل تلفيقات التهم والقذف بالإنفصالية والعمالة وما جاور ذلك من أباطيل اللعنة التي تراود عدوها عن نفسه حتى يسقط صريعا أو سجينا.
لعنة القطاع لعنة خفية يتداخل فيها الحابل بالنابل. ويظهر فيها القليل ويتوارى الكثير، عبر سلسلة طويلة من جلاوزة المال والنفوذ ذيلها كأعقاب الافعى كلما قطع منه جزء نبت اخر في مكانه. فإذا كانت حملاتنا الظاهرة قد عرت الظاهر من مومياءات القطاع المهيمنة على ثروة الجهة. فإن ما خفي أعظم وسط هرم قطاع الصيد البحري. لذلك قررت بمجهود مضني إقتحام أسرار مستنقعات “وزارة أخنوش” لنقف عند العدد الحقيقي لبواخر الإفتراس “البيلاجيك” ومالكيها وحتى حصصها وملاكها.
●أول المومياءات ومتسيد الحصص السمكية بالجهة هو رجل الأعمال المعروف “محمد الزبدي” صاحب الثلاث بواخر المسماة “اللطف 1 lotf ” و “اللطف 2 lotf” و “اللطف 3 lotf” وهي بواخر مدمرة بلغت حصتها الإجمالية الموهوبة لها من طرف وزارة العم “أخنوش” خلال سنة 2015 حوالي60.000 طن. وهي للإشارة حصة ممنوحة على الورق فقط لأنه في بقعة ينخرها التسيب والفساد مثل الداخلة وفي بؤرة معدومة القانون كميناء الداخلة فحصة الرجل لا تنتهي طوال السنة.
إضافة لذلك فسخاء المستر “أخنوش” ووزارته مع “محمد الزبدي” لا تحده حدود ولا تسده سدود. فحين نرى نفس البيانات الصادرة عن وزارة الصيد برسم سنة 2015. نجد الرجل يستحوذ على حصة أخرى محددة في 20000 طن يكتريها رجل أعمال اخر مستر يحمل إسم “عكاشة”.
●ثاني المومياءات الظاهرة في الساحة رجل يدعى “رضى الإدريسي السنتيسي”. إبن رجل الاعمال المعروف “حسن الإدريسي السنتيسي”. والرجل المقرب جدا من عريفة وزارة اخنوش “زكية الدرويش”.
ملك “لكوانوا” أو دقيق السمك كما يلقب بالداخلة. يملك أربع بواخر مدمرة للبلاجيك. اول تلك البواخر يحمل إسم “الحمد elhamd” ويشتغل برسم سنة 2015 بكوطة محددة في 15.000 طن لم تشأ لها مندوبية الصيد البحري بالداخلة أن تنتهي طيلة السنة .أما ثاني البواخر المملوكة لمتسيد “لكوانوا” فيحمل إسم “فايكينك بانك viking bank”. ويعد من أضخم البواخر العاملة بميناء الداخلة. إذ يستوحذ هذا القارب على “كوطة” رسمية محددة برسم سنة 2015 في 26.500 طن. كذلك لم يكتب لها ان تنتهي يوما رغم الاطنان الهائلة التي يبلعها الرجل في تجارة دقيق السمك.
ثالث البواخر تدعى “مفتاح” . وتشتغل بكوطة محددة في 13.600 طن. ثم اخيرا باخرته المملوكة للرجل بشراكة مع عائلة الدرهم وتحمل إسم “السنيور”.
4 بواخر سنتيسية مدمرة يتحدث المجتمع المدني البيئي بالداخلة عن عدم توفرها على مبردات لحفظ المنتوج. وهو عمل مقصود من الرجل لتحويل سلعته نحو تجارة دقيق السمك التي يتسيد تجارتها بإمتياز.
أما بخصوص المومياءات المستترة.
غير أن أسماء من قبيل “محمد الزبدي” و “رضى السنتيسي” . كلها أسماء حركية ظاهرة تتخفى في جلباب إبن المنطقة ومنتخبها وفعالياتها الجمعوية. لتبلع ما أستطاعت إليه سبيلا من أقدارنا ولقمة أرزاقنا حتى تعلن الداخلة منطقة جافة كما فعلوا مع آسفي من قبل. ويجمع الجمع رحيله ويغادر المكان بعد ان تركه قاعا صفصفا. ولتبقى الجهة ومنتخبها المعروف يقلبون أمواج البحر إنتظارا لبركات السماء التي إنقرضت مع آل الغيرة من أجدادنا الاولين.
الكارثة العظمى لا تتوقف عند هذا الحد فهناك أسماء أخرى لا تعرفها الداخلة ولا ساكنتها ولا تعرف هي الداخلة ربما ولا موقعها من خريطة الوطن. ولازالت تبعث لنا شافطات التونة والكوطة من بعيد لتلملم ما في جعبة المحيط من أسماك وتنسحب بسلاسة دون “حس أو خبر” ،ومن أبرز تلك الاسماء مجموعة من أعيان المال والنفوذ المتحدين خلف مجموعة “lgmc” التي تملك قاربين مدمرين ضمن أسطول البيلاجيك بالداخلة تحت مسمى “mansour dakhla” و “السعدي saadi”.وهو المسمى الجديد للقارب “أدرار adrare” التابع لدولة “بليز” والذي هزت فضيحة إلقاءه لأطنان من الأسماك في عرض البحر ضجة كبرى إنتهت بتوقيفه عن العمل (راجع مقالة هيسبريس في الموضوع بتاريخ الاثنين 25 نونبر 2013).
ويقف خلف هذين القاربين الوزير الاول السابق إدريس جطو ورئيس المجلس الأعلى للحسابات الحالي “لذلك لم نعد نأمل أي محاسبة في القطاع”. ورجل آخر أكثر بعدا في النفوذ من هذا الاخير يدعى “كريم عيوش” وهو شقيق المخرج السينمائي المثير للجدل “نبيل عيوش” وسليل عائلة عيوش الثرية في المغرب. إضافة لمدير المجموعة العام “عمر البناني” وهو رجل أعمال مقرب من الملياردير “عزيز أخنوش” وزير الصيد البحري.
● مجموعة اخرى أضخم من سابقتها تعود ملكيتها للملياردير الجديد بالمغرب “سعيد لعلج” الستيني الذي يعمل في قطاع الفندقة والأموال ورئيس سنام القابضة. ومؤسس الهولدينغ المعروف سنة 1986. غير ان أهم مجموعة لديه هي Unimer Groupe التي حصل على 80 في المائة من أسهمها وهي من بين اولى المجموعات الاستهلاكية بالمغرب وتحقق سنويا رقم اعمال يقدر ب800 مليون دولار وتعمل في تصبير وتصدير السردين نحو دول القارة الافريقية، وتمتلك المجموعة بالداخلة قاربين للبيلاجيك تحت مسمى “مايا meya” و “إيريكا erika” وهما قاربين مدمرين يستحوذان على “كوطة” تبلغ برسم سنة 2015 حوالي 48.800 طن.
●ثالث المستحوذين السريين على مدمرات البيلاجيك رجل يدعى “حسن عكاشة” المستشار البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وإبن رئيس مجلس المستشارين السابق “الراحل مصطفى عكاشة”. يمتلك الرجل قاربين في ميناء الداخلة يحمل أولهم إسم “مديونة mediouna” وهذا القارب يشتغل بحصة ضخمة بلغت كميتها سنة 2015 حوالي 20.000 طن تعود ملكيتها لملك البيلاجيك “محمد الزبدي”. أما ثاني القوارب الخاصة بالرجل فيملكه عكاشة الصغير بشراكة مع مستثمرين أتراك. ويحمل إسم “ازرو azrou”.
ثم اخيرا القارب “زيندر zender” الذي يتقاسمه مدلل الوزارة مع مستثمرين أوروبيين.
●رابع المهيمنين على القطاع رجلين من أبناء جلدة الملياردير عزيز اخنوش. أولهم المليونير طارق القباج رئيس المجلس البلدي السابق لمدينة أكادير ومالك القارب “الميست MIST” والذي يشتغل بحصة خاصة تبلغ 29.700 طن من الاسماك. أما إبن سوس الاخر فهو ملك العقار بأكادير “بيشة” صاحب القارب “بولار polar” والذي يشتغل بحصة تبلغ 24.000 طن. ومن المعلوم أن هذا القارب كان في ملكية المليونير طارق القباج.
●خامس النافذين في أساطيل البيلاجيك رجل النفوذ والمال والصديق المقرب من جلالة الملك. الذي يعمل حاليا سفيرا للمملكة بإسبانيا. حيث يملك الرجل قاربا ضخما يحمل إسم “بولاند poland” الذي تعود ملكيته لشركة “atuneros del sur ” التي تعود ملكيتها للرجل.
●سادس المتدخلين في حرب البيلاجيك فهو الموظف السامي بوزارة الصيد البحري المدعو “الحمداني” والذي تعرف على رجل نرويجي كان يعمل سابقا ضمن بعثة المينورسو بالصحراء. وجزاءا لمساعدته في الحصول على حصة صيد ضخمة بلغت سنة 2015 حوالي 45.800 طن. قام بمشاركتهم في الباخرة الشهيرة “ميدوي الداخلة1 midoy dakhla1” الذي يعد أفخم قارب صيد للبيلاجيك.
•ثاني الصحراويين المالكين لقوارب البيلاجيك بالداخلة هو الإستقلالي المعروف إبن العيون “الطيب الموساوي” صاحب القارب “كاريليا carelia” والمستفيد من حصة رسمية بلغت حوالي 13.600 طن برسم سنة 2015.
• ثالث الصحراويين المستفيدين من ريع البيلاجيك هو الرئيس الحالي للمجلس البلدي للداخلة “سيدي صلوح الجماني” وعائلته. حيث تمتلك عائلة رئيس الغرفة الأطلسية للصيد البحري قاربا يحمل إسم “الوفا alwafae” ويستفيد من كوطة رسمية تبلغ حوالي 18.000 طن. تعود ملكيتها لعائلة أهل حماد المعروفة بالعيون.
عموما تبقى لعنة فراعنة قطاع الصيد البحري لعنة قاتلة تهدد المقتربين منها. بسبب خطورة المتدخلين في هذا القطاع الملغوم. وتنفذهم داخل دهاليس الدولة وطابوهاتها. لذلك لايهم هذه المومياءات سوى زيادة أرصدتهم البنكية على حساب الارض وساكنتها. ويبقى السؤال المطروح:
متى ينتهي هذا الريع القاتل في هذا القطاع..؟؟
ختاما هذه بصفة عامة القوارب المدمرة المعقودة بجيد الداخلة. والتي تعد محظورة عالميا نظرا لخطورتها البيئية. لكن الاخطر من ذلك هو العنصرية الممنهجة ضد ساكنة الصحراء في هذا القطاع الحي بالجهة. حيث لا يستفيد منالحصص والبواخر غير ثلاث أشخاص يعدون على رؤوس الاصابع. فيما لا يشغل القطاع من اليد العاملة الصحراوية إلا بعض الوجوه المكترات لشرعنة الإستنزاف والريع المتوحش.