بحر الصحراء: متابعة
غادر أغلب الصيادين المتواجدين بميناء الحسيمة (شمال شرق المغرب) بشكل جماعي إلى موانئ كل من مدينة طنجة والمضيق والعرائش (شمال غرب المغرب)، هربا من هجمات الدلفين الكبير والمعروف محليا بالدلفين الأسود أو الـ “نيكرو”، الذي يمزق شباكهم، مخلفا خسائر مادية جسيمة في ممتلكاتهم.
إلا أن عددا من المختصين يؤكدون أن الدلفين الكبير يعتبر مصدرا مهما للحياة الإيكولوجية البحرية، لكن أصوات الصيادين ترتفع بين الحين والآخر بسبب الخسائر التي يسببها هذا الدلفين، خصوصا بعدما هاجروا إلى مدن أخرى تاريكين وراءهم عائلاتهم بحثا عن مصدر رزقهم الوحيد.
الدلفين الكبير يبحث عن الغداء
تؤكد بعض الدرسات الحديثة أن غذاء الدلفين الكبير تناقص بشكل خطير في السنوات الأخيرة في الحسيمة وغيرها من المناطق البحرية، وعزت الأمر إلى الصيد الجائر للأسماك السطحية التي يتغذى عليها، في مقابل تكاثرة بشكل كبير، ما جعله يبحث عن غداء آخر ليؤمن ديمومة حياته واستمراره، ويبدو أنه وجد ضالته في شباك الصيادين، خلال اصطيادهم للأسماك الصغيرة، ما سبب لهم خسائر مادية كبيرة.
يتواجد الدلفين الكبير في البحر الأبيض المتوسط، وفي المغرب يتواجد بكثرة بمدينة الحسيمة، وهو من الثدييات المحمية وفقا لاتفاقيات الدولية، والمغرب بلد عضو في “اتفاق بشأن حفظ الحيتانيات في البحر الأسود البحر الأبيض المتوسط والمناطق المتاخمة للمحيط الأطلسي” Agreement on the Conservation of Cetaceans in the Black Sea Mediterranean Sea and Contigous Atlantic Area، المعروفة اختصارا بـ “أكوبامس” ACCOBAMS، وهو ما يستوجب حماية هذا الدلفين الكبير وضمان عبوره بأمن وسلام، فضلا عن تفعيل الإجراءات اللازمة لحمايته من أي تدخل يؤذيه.
… ويشرد آلاف الصيادين
في هذا السياق، يقول خالد الزيتوني، إعلامي مختص في الشؤون البحرية بمدينة الحسيمة، لـ greenarea.me: “بسبب الخسائر التي سببها الدلفين الكبير للصيادين والقضاء على ما يصطادونه من سمك وتلف شباكهم، دفع الآلاف من الصيادين بمدينة الحسيمة إلى الهجرة نحو مدن مغربية أخرى، تاركين منازلهم وأسرهم الصغيرة. وأكد ”الزيتوني“ أنه يجب أن تكون هناك مقاربة تشاركية، بين وزارة الصيد من جهة وممثلين عن البحارة لدراسة من جهة ثانية، لبحث الطرق الناجعة لحماية الدلفين الكبير وإيجاد حلول مناسبة للصيادين للحد من هجرتهم، فلم يبقَ سوى مركب أو مركبين في ميناء مدينة الحسيمة” ، و أوضح المصدر نفسه “لقد سبق للكاتب العام لوزارة الصيد البحري أن زار الحسيمة، وعقد اجتماعات مع المهنيين بسبب الدلفين الكبير وما يسبب من خسائر للصيادين، ووعدهم بإيجاد حلول في أقرب وقت”.
يذكر في هذا المجال، أن “المعهد الوطني للثروات البحرية” يدرس كيفية تغيير شباك الصيادين، وجعلها قادرة على مواجهة الدلفين الكبير، وإيجاد حلول عاجلة لهذه الأزمة، تناسب حاجيات الإنسان الغدائية والكائنات البحرية في آن معا. وفي نفس السياق، أكد العديد من البحارة انهم تعرضوا لخسائر مادية جسيمة، أنه يصعب على الصياد الذي يعيش وضعا إقتصاديا صعبا نتيجة الركود الذي تعرفه المدينة في هذه الفترة من السنة، أن يواجه الدلفين الكبير، خصوصا وأن هذه الخسائر يتحملونها لوحدهم.
ويطالب البحارة من الوزارة الوصية على القطاع، فضلا عن مدبري الشأن العام المحلي والجهوي (المناطقي) التدخل من أجل القيام بالدراسات اللازمة، لمعرفة أسباب تكاثر الدلافين الكبيرة، والبحث عن طرق تقنية كفيلة بإبعاد هذه الكائنات البحرية عن شباكهم.
بقلم : شيماء بخساس