مبادرة ” حوت بثمن معقول ” مبادرة مواطنة حقا أم مجرد بروباغاندا إعلامية….؟

0

أخبار بحر الصحراء: العيون.

 

بقلم : عمار الحيحي

 

مع بداية شهر رمضان الابرك أطلق بعض من أرباب سفن الصيد بأعالي البحار بأكادير مبادرة إختاروا لها كشعار ” حوت بثمن معقول ” حيث خلقت هذه المبادرة جدلا واسعا بين من هو محبذ أو رافض لها ؛ و بعد أسبوع من إطلاقها إلتزمت الصمت و التأمل و الحياد لكنني إرتأيت في هذه اللحضة تسليط الضوء عليها و للأمانة كما عاهدناكم قراءنا الكرام فهي مبادرة مغلفة بالمواطنة في شكلها لكنها ليست كذلك في جوهرها .

و للتوضيح فالمصطادات السمكية المجمدة لأسطول الصيد بأعالي البحار تنقسم إلى ثلاثة أصناف :
1 – المصطادات المجمدة الموجهة إلى السوق اليابانية Japon و هي عموما الرخويات العالية الجودة و المحددة القياس و الحجم ( الأخطبوط – الكلمار – الحبار ( السيبيا ) . ) و هذه الأسماك هي المستهدفة بنشاط و مجهود الصيد effort de pêche بالدرجة الأولى نظرا لأثمانها المرتفعة و ما تدره من عملة صعبة بالدولار $ على أرباب السفن .
2 – المصطادات المجمدة الموجهة إلى السوق الأوروبية Europa و هي اساسا الرخويات التي لا تجد لها موطئ قدم في السوق اليابانية بسبب عدم استجابتها للشروط الصارمة التي تفرضها هذه الاخيرة جودة و حجما و قياسا بالإضافة إلى الصول – الصانديا – الدوراد – الكوربين – الباجو – الراية….الخ ؛ هده الأسماك تكون مستهدفة بالصيد في المقام الثاني و تسوق بالأورو € و تكون عائداتها مستحسنة و تكميلية للصنف الأول حتى تكون القيمة الاجمالية لرحلات الصيد مربحة و مدرة للعملة الصعبة لكنه في السنوات الأخيرة باتت السوق الأوروبية تزاحم نظيرتها اليابانية على المصطادات المصنفة 1 لإقبال الأوروبيين عليها .
3 – المصطادات المجمدة الموجهة إلى السوق الإفريقية Africa أو ما يعرف بالهلابا محليا ( البوقة – الشخار – التويمبة – الحداد ( الشرغو صغير الحجم ) – البورو – المعزة….الخ ) و هذه الأسماك لا تكون مستهدفة بثاثا بنشاط الصيد بأعالي البحار إلا في حالة ما إذا كانت مختلطة في المصايد بالأصناف 1 و 2 و علقت بشباك السفن و سبب عدم استهدافها هو أثمانها البخسة التي لا تتجاوز 2000 دولار ( 2 مليون سنتيم ) للطن الواحد على أقصى تقدير ( أقل من 20 درهم للكيلو غرام ) و هذا الصنف بالذات هو المعني أساسا بالمبادرة المثيرة للجدل “حوت بثمن معقول ” التي يبدو انه خطط لها أن تأخد صيتا وطنيا يفوق حجمها .

ما لا يعلمه الرأي العام الوطني و هو يكتوي بلهيب الأسعار الجهنمية للأسماك الطرية باستثناء السردين أن أسطول الصيد بأعالي البحار الذي لا يتجاوز عدد سفنه 220 وحدة ظل يستفيد من مزايا ريعية و تفضيلية خاصة و غير مفهومة بثاثا عكس أسطول الصيد الساحلي الذي يبلغ عدد مراكبه 1800 وحدة هذا الأخير يعد المحرك الأساسي للدورة الاقتصادية داخل الموانئ الوطنية و المشغل الأول بقطاع الصيد البحري بالمغرب و من ضمن هذه المزايا التي ظل يستفيد منها أسطول الصيد بأعالي البحار هو أن منتجاته السمكية المجمدة لا تخضع لمسطرة المزايدة ( الدلالة ) بأسواق المكتب الوطني للصيد كالمنتجات الطرية المتحصلة من أسطول الصيد الساحلي ( البارخات – البلانكري ) و بذلك لا تخضع لنظام الاقتطاعات ( الطاكس ) الذي يستنزف أكثر من 100/20 من حجم المبيعات الخام للمنتجات الطرية للصيد الساحلي مقسمة بين 100/16 للمركب و 100/4 لتاجر السمك و يبقى السبيل الوحيد للإطلاع على أثمان المنتجات المجمدة لأسطول الصيد بأعالي البحار هو مكتب الصرف Office de change حيث أن لكل سفينة ترخيص تصدير Grement d ‘ export و تبقى الأثمان ثمرة اتفاقات ( ……!! ) ما بين أرباب السفن و زبنائهم الأجانب بالاسواق العالمية المذكورة أعلاه مع ما يشوب هذه الإتفاقات من ضبابية و غياب للشفافية ( ……!!) ؛ دون أن ننسى ان أسعار الكازوال الذي تتزود به سفن أعالي البحار تقل ب 1800 درهم للطن الواحد عن تلك المعمول بها في الصيد الساحلي و بذلك تبقى تكاليف الإنتاج لهذا الأخير جد مرتفعة و مقلقة للغاية .

و عليه فمن حيث الشكل إني أحبذ هذه المبادرة التي غلفت بغلاف المواطنة قبل انطلاقها لكنني ضدها من حيث الجوهر لأنها تضرب في مقتل تخليق المنافسة و التنافسية من جهة و من جهة أخرى يجب أن تخضع هذه المبادرة للمساطر القانونية المعمول بها و ان تعرض المنتجات المجمدة بمعظم جهات المملكة و بأماكن تستجيب لمعايير الجودة و الصحة المتعارف عليها حفاظا على صحة المواطن بدلا من عرضها في المدارات و الأزقة تحت لهيب الشمس الحارقة لأنه صحيا يمنع منعا كليا تجميد اي منتوج مجمد سبق تمييعه Ne jamais congelé un produit decongelé ؛ كما أنني أتحدى مهندسي مبادرة ” حوت بثمن معقول ” أن تعرض مبادرتهم هذه بالسوق الداخلية الوطنية المصطادات السمكية المجمدة الموجهة للسوقين اليابانية و الاوروبية بأثمنة معقولة تتناسب و القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة .

ختاما سترينا الشهور القادمة إن كان بالإمكان أن تنجح هذه المبادرة في كسب نياشين المواطنة الحقة أم أنها فقط مبادرة للبروباغاندا و البهرجة الاعلامية لغاية في نفس يعقوب ليس إلا و ذلك ما لا نأمله….!!!!

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.