بحر الصحراء : اسفي نيوز
خلص مهنيو قطاع الصيد البحري بالمغرب في اللقاء التواصلي الذي احتضنه مركز الإيواء بآسفي نهاية الأسبوع الماضي ،تحت شعار الصيد البحري الواقع والآفاق، إلى إصدار العديد من التوصيات كان أبرزها المطالبة بإخراج مشروع المدونة البحرية من الرفوف الباردة إلى حيز الوجود على غرار مدونة الشغل ومدونة السير ومدونة الأسرة، إصلاح أعطاب الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية مع ضرورة الاعتراف بالأمراض المهنية بالقطاع ، والعمل على تمكين البحار بوصفه شريكا وليس أجيرا من التمثيلية في الغرف البحرية والمجالس الاستشارية للقطاع ، مع ضرورة تفعيل تامين على حوادث الشغل لضمان ولولوج البحارة إلى المصحات الخاصة من اجل متابعة العلاج والحد من سلوكات الرفض التي يواجهون بها في كثيرا من الأحيان ، و النظر بكل جدية في إيجاد صيغة ملائمة تسمح باستفادة البحارة من السكن الاقتصادي والقروض البنكية .
اللقاء الذي نظم من طرف النقابة الوطنية لبحارة وربابنة الصيد البحري المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و بتنسيق مع هيئات البحارة الصيادين بالمغرب ، حضوره العديد من المهنيين والمتدخلين والفاعلين بقطاع الصيد البحري ، كان فرصة للتداول في العديد من القضايا التي تشغل بال المهنيين خصوصا أن القطاع مازال يحتاج إلى المزيد من الإصلاحات للارتقاء به والاهتمام بالعاملين فيه .
وأوضح عبد القادر التويربي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لبحارة وربابنة الصيد البحري في كلمته الافتتاحية أهمية قطاع الصيد البحري باعتباره احد أهم مصادر نمو واستقرار الاقتصاد الوطني بالنظر لإمكانيته الهائلة في مجالات الشغل والتغذية والتصنيع وتوفير العملة الصعبة ، إلا أن هذا المصدر الذي لا ينضب يقول الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لبحارة وربابنة الصيد البحري ، في حاجة إلى دعم ورعاية الدولة حتى يتأتى له أن يلعب دوره الاقتصادي والاجتماعي على الوجه المطلوب ليكون قطبا متقدما في التنمية الوطنية وتصبح ثروتنا البحرية تساهم في بناء الغد الأفضل لاقتصادنا ولمجتمعنا وتوفر شروط الصحة والسلامة للبحار اعترافا بدوره الحيوي في ضمان الأمن الغدائي للوطن والمواطنين على أن طرق استثمار إمكانيات بلادنا لا تفي بالمطلوب مما يتطلب إعادة النظر في الإجراءات والقوانين المؤطرة للقطاع وذلك بإشراك كل المعنيين بالموضوع بما في ذلك البحارة كقوة عاملة ومنتجة للخيرات .
وابرز عبد القادر التويربي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لبحارة وربابنة الصيد البحري في كلمته ، الأسباب التي جعلت وضعية البحار تزداد بؤسا والتي حددها في السكوت المريب من الطرف الدوائر الوصية على قطاع الصيد حيال الاستغلال البشع الذي يتعرض له هذه الفئة ، ولا أدل على ذلك حسب المتحدث ، مما آتى به مشروع قانون البحار في غرف الصيد البحري الذي أعدنه وزارة الفلاحة والصيد البحري والذي لم يعط حق الترشح والتصويت للبحار مما يقصيه من التمثيلية في هذه الغرف ، مضيفا أن الإدارة على علم بكافة التفاصيل المتعلقة بمشاكل هذه الشريحة المهضومة الحقوق ، و أنها على اطلاع واسع على كثير من الخروقات التي تلحق بالبحارة نتيجة غياب الحماية القانونية لحقوقهم وهو ما يتطلب الإفراج عن مدونة منصفة للبحار والضمان الاجتماعي والتغطية الصحية والتامين عن حوادث الشغل والاستفادة من الاقتطاعات المرتفعة التي يخضع لها المنتوج السمكي .
وذكر عبد القادر التويربي بالدور الهام الذي لعبه البحار في تنمية القطاع وما حققه من مكتسبات مند الستينيات ، إلا أن هذه المكتسبات تم الإجهاز عن بعضها حسب قوله ، وأصبح البحار يقضي حياته في الإنتاج ولا يحتسب في تقاعده إلا مدخول السنوات الأخيرة ،( أي عندما يصبح عاجزا ومريضا ) الشيء الذي يعني هزالة تقاعد ، وغياب أي تعويض في حالات المرض وعدم استفادة ذويه من التعزية عند الوفاة في حالة عدم استكماله 51 يوما عملا ، والغريب في الأمر أن الأوصياء على القطاع على اختلاف مهامهم ومسؤولياتهم لم يولوا هذه المشاكل ما تستحقه من العناية والدرس رغم العديد من المراسلات والشكاوى التي وجهت إلى مصالحهم في هذا الصدد من مختلف الأطراف .
ورغم ما يبدله البحار من جهود وفي ظروف عصيبة ومخاطر كبيرة ، حتى يتمكن من تقديم منتوج سمكي يستجيب لمعايير الجودة ويراعي القوانين الجاري بها العمل في القطاع ليساهم في التنمية والاقتصاد ، يقول الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لبحارة وربابنة الصيد البحري ، فان الوضعية الاجتماعية لعموم البحارة سواء في أصناف وفروع الصيد الساحلي او التقليدي او اعالي البحار ، ما تزال تشهد ترديا واضحا ، ينعكس بصورة سلبية على الحياة اليومية المطبوعة بالخوف والتوجس والحذر الشديد من مستقبل غير مضمون النتائج .
لهذه الأسباب وغيرها ، دعا عبد القادر التويربي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لبحارة وربابنة الصيد البحري، جميع المتدخلين والفاعلين بقطاع الصيد البحري إلى التكتل ورص الصفوف من اجل فرض كلمة البحار وجعلها مسموعة بل مدوية في آذان المسؤولين ولذا صناع القرار في الوزارة الوصية وفي الحكومة المرتقبة ، ولذا سائر المؤسسات ، وذلك بغاية التعجيل بوضع الإصلاحات الضرورية لإنصاف البحار ورفع الضرر الذي لحقه مند سنين طويلة ، مؤكدا أن فئة البحار التي تعتبر قوة انتخابية هامة على صعيد المغرب كله يجب أن تحظى بحقها كاملا غير منقوص إذ لاشيء يبرر استثنائها من ذلك ما دمنا نطمح إلى سيادة الحق والقانون والمساواة بين سائر المواطنين إنصافا لشغيلة البحر وضمان حقهم في اختيار ممثليهم في غرف الصيد البحري ، متسائلا في الوقت ذاته عن أسباب استمرار معاناة البحارة ، وهل حان الوقت لوقف النزيف الاجتماعي الذي كاد يجهز على ما تبقى من مصالح هذه الفئة ، وهل آن الأوان للإفراج عن مدونة البحار متفق ومتفاوض حولها على غرار مدونات أخرى صدرت في مجموعة من المجالات ، مشددا في أخر كلمته على ضرورة الالتزام بالوحدة والتضامن للدفاع عن المطالب وصون الكرامة لإرجاع ما كان لمهنة الإبحار من عزة وتوهج ومكانة اجتماعية مرموقة ومجد التاريخي العريق .
اسفي : عبد الرحيم النبوي